التاريخ الإسلامي
دون تشويه أو تزوير
التاريخ الإسلامي يمتد منذ بداية الدعوة الإسلامية بعد نزول الوحي على رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم تأسيس الدولة الإسلامية بالمدينة المنورة وحكم الخلفاء الراشدين، مرورًا بالدولة الأموية فالدولة العباسية بما تضمنته من إمارات ودول مثل السلاجقة والغزنوية في وسط آسيا والعراق وفي المغرب الأدارسة والمرابطين ثم الموحدين وأخيرًا في مصر الفاطميين والأيوبيين والمماليك ثم سيطرة الدولة العثمانية التي تعتبر آخر خلافة إسلامية على امتداد رقعة جغرافية واسعة، وهذه البوابة تعنى بتوثيق التاريخ من مصادره الصحيحة، بمنهجية علمية، وعرضه في صورة معاصرة دون تشويه أو تزوير، وتحليل أحداثه وربطها بالواقع، واستخراج السنن التي تسهم في بناء المستقبل.
ملخص المقال
علوم السيرة والتاريخ في العصر الأموي، يعرض المقال أشهر من كتب في علوم السيرة والتاريخ وتاريخ الأمكنة ومؤلفاتهم في عصر الدولة الأموية
أولًا: السيرة والمغازي
يمكن القول بأن الكتابة في سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وغزواته وسراياه وبعوثه تعتبر من أقدم أشكال التدوين التاريخي عند المسلمين، وقد بدأت الكتابة حول هذا الموضوع من أولئك الذين كانوا قريبين من مواقع الأحداث، ولكن كتاباتهم جاءت في صحف مفرقة وغير مرتبة ترتيبًا زمنيًا، وقام بهذه المحاولات عديدون، منهم:
سعيد بن سعد بن عبادة الخزرجي الأنصاري وابنه شرحبيل (ت 123هـ /740م) وسهل بن أبي حَثْمة الأنصاري، وسعيد بن المسيَّب المخزومي (ت 94هـ / 713م) وعروة بن الزبير الأَسدي (ت 94هـ / 713م) وأبان بن عثمان بن عفان (ت 105هـ / 723م) وعاصم بن عمر بن قتادة الأنصاري (ت 120هـ / 737م).
وأما أولئك الذين كتبوا عن السيرة والمغازي وفق الترتيب الزمني للحوادث (بحسب التاريخ الهجري) مع الالتزام بإيراد الأسانيد، فقد اشتهر منهم:
1- ابن شهاب الزهري (ت 124هـ / 742م): من مؤرخي السيرة والمغازي، وعرف بقوة أسانيده؛ وهو مؤسس المدرسة التاريخية في المدينة، وله كتاب (المغازي)، وتظهر نقولات منه عند البخاري في الصحيح وفي التاريخ الكبير.
2- عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم الأنصاري (ت 135هـ / 752م) عُني بالحديث وسيرة الرسول صلى الله عليه وسلم، واستخدام الأسانيد في رواياته، وجمع قائمة بغزوات الرسول صلى الله عليه وسلم مرتبة على السنين.
3- موسى بن عقبة الأسدي (ت 141هـ / 758م): وهو الذي ألَّف كتابًا في المغازي على غرار كتاب أستاذه الزهري، وهناك مقتطفات من كتابه أوردها ابن إسحاق والواقدي والطبري وابن سيد الناس وابن كثير في كتاباتهم، وكان مثل أستاذه يهتم أيضًا بالأسانيد ويذكر تواريخ الحوادث.
4- ابن اسحاق المُطَّلبي (ت 151هـ / 768م): ويعد كتابه (سيرة النبي صلى الله عليه وسلم) أقدم مؤلَّف شامل ومنظم يصلنا في هذا الموضوع وهو يتكون من ثلاثة أقسام: المبتدأ (يتناول فيه تاريخ الرسالات السابقة على الإسلام وتاريخ العرب في الجاهلية)، والمبعث (يتحدث فيه عن حياة النبي صلى الله عليه وسلم في مكة والهجرة) والمغازي (يتناول فيه حياة النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة ومغازيه وسراياه وبعوثه حتى وفاته).
وقد وصلنا هذا الكتاب برواية زياد بن عبد الله البَكَّائي (ت 183هـ/ 799م)، كما نقَّحها وعدَّلها عبد الملك بن هشام المعافري (ت 218هـ / 833م) الذي اختصر بعض أقسامها الأولى، مما جعل المؤرخين ينظرون إلى سيرة ابن إسحاق نظرة حسنة، وأصبح الكتاب مصدرًا هامًا لا يمكن الاستغناء عنه، قال الشافعى مادحا جهد ابن إسحاق: "من أراد أن يتبحَّر في المغازي فهو عيال عليه".
ثانيًا: التاريخ والأنساب
أولى الخلفاء الأُمويون هذا الجانب اهتمامًا ملحوظًا، فيروى أن معاوية بن أبي سفيان كان يستقبل في مجلسه بدمشق كبار علماء الأمة ومثقفيها، وكان كل واحد منهم مبدع في تخصص معين وبخاصة في السِّيَر والمغازي والأنساب وأخبار العرب وأشعارهم وسير الأمم الأخرى وملوكهم فيستمع معاوية إليهم ويأمر الكَتَبة أن يدونوا أقوالهم، فبهذا يكون قد حصل أول تدوين للتاريخ في الدولة الإسلامية.
ومن أشهر من كتبوا في التاريخ القديم، من علماء تلك الفترة:
- عُبيد بن شَرْيَة الجُرهمي (ت حوالي 70هـ / 689م) وله كتاب أخبار اليمن وأشعارها وأنسابها ويعرف كذلك بكتاب الملوك وأخبار الماضين، يتحدث فيه عن عرب الجاهلية وأشعارهم، وقد نقل المسعودي أجزاء منه في كتابه مروج الذهب ومعادن الجوهر.
- عَلاقَة بن كُرسُم (كريم) الكلابي في أيام يزيد بن معاوية: كان علاقَة عالمًا بأيام العرب وأحاديثها، وممن أُخذت عنه المآثر، فألف كتابًا في الأمثال، وقد رآه ابن النديم في خمسين ورقة.
- وهب بن مُنَبِّه (ت حوالي 110هـ / 728م): كان وهب من أكثر مؤلفي العصر الأموي تصنيفًا، وينسب إليه كتاب الملوك المتوَّجة من حِمْيَر وأخبارهم وقصصهم، وهو أقدم محاولة لتدوين تاريخ دولة عربية معتمدًا فيه على كتب أسلافه.
وأما الذين اختصوا في الكتابة في علم الأنساب، وبرزوا فيه، في هذا العصر فمنهم:
- دَغْفَل بن حنظلة الشيباني (ت 65هـ / 685م): له كتاب التشجير وهذا الكتاب شجرة للأنساب وقد اقتبس منه الهمداني سلاسل الأنساب في كتابه (الإكليل)، ولعل دغفلًا قد كتب هذا الكتاب ليزيد بن معاوية، إذ كان دغفل أستاذه، ويقال أن الفرزدق عرف صحيفة الأنساب لدغفل بن حنظلة وقرَّظها، وقد وصفه الجاحظ بأنه علاَّمة، كانت معارفه الواسعة في الأنساب مضرب المثل، فقيل في المثل: "أَنْسَب من دَغْفَل".
- خُبيب بن عبد الله بن الزبير بن العوام الأَسدي (ت 93هـ / 711م): كان يهتم اهتمامًا خاصًا بنسب قريش.
- عوانة بن الحكم الكلبي (ت 147هـ / 764م): صاحب كتاب سيرة معاوية وبني أُمية.
وهناك آخرون كانت لهم اهتمامات في علم الأنساب مثل: جبير بن مُطعِم بن عدي القرشي (ت 59هـ / 679م)، وعقيل بن أبي طالب (ت 60هـ / 680م)، والنَّخَّار بن أوس القضاعي (ت 60هـ / 680م، وكان أنسب العرب)، وسعيد بن المسيّب المخزومي (ت 94هـ / 713م) ومحمد بن السائب الكلبي (ت 146هـ / 763م) وابنه هشام.
ثالثًا: تاريخ الأمكنة
كان من نتيجة خروج أعداد كبيرة من رجالات القبائل العربية مصاحبين جيوش الفتح الإسلامي أن استقر أكثرهم في الأمصار المفتوحة، وسكنوا في المدن التي اختطها المسلمون كالبصرة والكوفة والفسطاط وواسط والقيروان وتونس، فكان لابد من الانتباه إلى تدوين أخبار هذه الجماعات وأنسابهم.
وكان من أوائل من قاموا بهذا العمل: عامر بن شراحيل الشعبي (ت 103هـ / 721م) وكانت الكوفة وأخبارها مجال اهتماماته، ويزيد بن أبي حبيب الأزدي (ت 128هـ / 745م) وحُيَيّ ين هانئ المعافري (ت 128هـ / 745م) وعبد الله بن أبي جعفر المصري (ت 135هـ / 751م) فهم من أوائل من كتبوا عن تاريخ مصر (فضائلها، فتحها، أخبارها).
وقد وردت نقولات من كتبهم في مؤلفات من جاؤوا بعدهم كابن إسحاق وابن عبد الحكم والبلاذري والطبري والكندي، وبرز في تلك الفترة كل من: عوانة بن الحكم الكلبي، ومعمر بن راشد اليماني البصري (ت 150هـ / 767م) وهو من تلاميذ محمد بن شهاب الزُّهري ومن أقدم الذين صنفوا الكتب في البصرة، وأبو مِخْنَف لوط بن يحيى الأزدي (ت 157هـ / 774م) وكتب عن فتوح الشام والعراق وموقعة الجَمل وصِفّين وغيرها، وسيف بن عمر الضبّي الأسدي (الكوفي) (توفي فيما بين 170هـ - 193هـ / 786 - 809م) وكتَب عن حروب الردة وعن الفتوح.
التعليقات
إرسال تعليقك