التاريخ الإسلامي
دون تشويه أو تزوير
التاريخ الإسلامي يمتد منذ بداية الدعوة الإسلامية بعد نزول الوحي على رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم تأسيس الدولة الإسلامية بالمدينة المنورة وحكم الخلفاء الراشدين، مرورًا بالدولة الأموية فالدولة العباسية بما تضمنته من إمارات ودول مثل السلاجقة والغزنوية في وسط آسيا والعراق وفي المغرب الأدارسة والمرابطين ثم الموحدين وأخيرًا في مصر الفاطميين والأيوبيين والمماليك ثم سيطرة الدولة العثمانية التي تعتبر آخر خلافة إسلامية على امتداد رقعة جغرافية واسعة، وهذه البوابة تعنى بتوثيق التاريخ من مصادره الصحيحة، بمنهجية علمية، وعرضه في صورة معاصرة دون تشويه أو تزوير، وتحليل أحداثه وربطها بالواقع، واستخراج السنن التي تسهم في بناء المستقبل.
ملخص المقال
الحروب الصليبية في الأدبيات العربية. وجودهم في بيئات معادية دفعهم إلى بناء القلاع والحصون ومعاصروهم كانوا أكثر إدراكًا منا لمعاني حملاتهم وأبعادها؟
كانت الحروب الصليبية ظاهرة تاريخية فذة في تاريخ المنطقة العربية وفي تاريخ الغرب الأوروبي على حد سواء. فقد شغلت أحداثها مساحة من الزمان تمتد على مدى ستة أجيال على أقل تقدير، كما أن المسرح الذي جرت عليه تلك الأحداث امتد جغرافيًا من الجزر البريطانية في الغرب حتى العراق شرقًا، ومن شمال أوروبا إلى مصر ودول المغرب العربي جنوبًا. وقبل أن تدور عجلة الحرب، والى الآن، توالت الكتابات عن الحروب الصليبية، حكاية ووصفًا وتحليلاً، ولم يحدث أن تعامل أي من العسكريين أو السياسيين الغربيين مع المنطقة العربية منذ ذلك الزمان، حتى وقتنا الحالي، من دون أن يكون في خطابه شيء مباشر، أو غير مباشر، يتعلق بالحروب الصليبية.
من ناحية اخرى، كانت الحروب الصليبية تعبيرًا عن عالم العصور الوسطى في المنطقة العربية والغرب الأوروبي أيضًا. ففي غمار تلك المواجهة الطويلة المضنية تجلت خصائص أهل ذلك الزمان، وقيمهم، ومثلهم العليا، وظهرت سلوكياتهم التي تحمل ذلك الكم المذهل من التناقض بين التدين العاطفي والوحشية، بين التعصب المقيت والرغبة في معرفة الآخر، بين الفروسية والشجاعة والنبل من ناحية، والخسة والدناءة الاخلاقية والغدر بالمسالمين من ناحية أخرى.
وتركت الحروب الصليبية تأثيرها في ثقافة أوروبا ووجدانها. وتمثل ذلك في الكتابات التاريخية والملاحم الشعبية والأساطير التي كونت صورة "الآخر" في الوجدان الأوروبي، وهي صورة سلبية لا تزال ملامحها باقية حتى الآن. بل أن تعبير "الحملة الصليبية" اكتسى مع مرور الزمن معنى طيبًا وصالحًا لا يزال شائعًا في الثقافة الغربية اليوم كلما جرى الحديث عن حملة تخدم المصالح الأوروبية والأميركية، وهذا هو المعنى الذي استخدمه الرئيس الأميركي السابق ريغان وهو يتحدث عن خروج المقاتلين الفلسطينيين من بيروت، بعد صمودهم البطولي حوالي ثلاثة أشهر في مواجهة آلة الحروب الاسرائيلية، يوم وصف الأمر بأنه "حملة صليبية" ناجحة تمامًا.
وفي المقابل، كانت المنطقة العربية هي المسرح الأساسي الذي جرت عليه أحداث "الحروب الصليبية"، وتركت قصة تلك الحروب أثرها في الكتابات التاريخية وفي النتاج الأدبي والفني للمنطقة العربية في حينها، كما أن البحث التاريخي العربي الحديث اهتم بها في نطاق الدراسات التاريخية الأكاديمية، بيد أن الأدبيات العربية المعاصرة لم تنتبه بالقدر الكافي إلى أهمية هذه التجربة التاريخية الفذة في تاريخ العرب، ولم يلتفت الكتاب العرب الى هذا الرصيد الضخم من التجارب النضالية ضد عدو استيطاني يحمل مشروعًا حضاريًا مناقضًا للحضارة العربية الاسلامية. وتصبح حاجة العقل العربي إلى تمثل هذه التجربة التاريخية الفريدة أشد إلحاحًا في ضوء تجربة الصراع العربي – الصهيوني التي تحمل الكثير من وجوه التشابه مع التجربة الصليبية.
وعلى رغم من أنَّ المنطقة العربية كلها كانت المسرح الأساسي الذي جرت عليه أحداث تلك المواجهة العسكرية/ الحضارية المرهقة، فإنَّ غالبيَّة المثقفين العرب اليوم لا تكاد تعرف شيئًا عن تلك الظاهرة المثيرة والمعقدة. وربما يكون سبب ضبابية صورة التجربة الصليبية في الوعي العربي المعاصر راجعًا إلى أن الدراسات التاريخية العربية عجزت حتى الآن عن تكوين صورة صحيحة عن هذه الظاهرة التاريخية، لأننا ما زلنا نعيش على النتاج الغربي في البحث التاريخي، من حيث تقسيم الفترات التاريخية، ومن حيث استخدام المصطلحات الأوروبية في تسمية الظواهر التاريخية والأقاليم الجغرافية، بل من حيث المنظور الذي نرى به الحوادث التاريخية ذاتها، وهو موقف ثقافي عام تعاني منه الثقافة العربية اليوم في شتى مستوياتها.
لقد كان وعي الذين عاصروا الأحداث وكتبوا عنها من منظورهم الثقافي وفي مصطلحاتهم المعبرة عن حضارتهم أعلى كثيرًا من وعي الذين بحثوا في قصة الحروب الصليبية في العصر الحديث. وهناك أسباب موضوعية وراء هذه المفارقة بطبيعة الحال: فقد نال البحث التاريخي ما نال غيره من فروع العلم والثقافة في العالم العربي من الجمود والتخلف طوال قرون امتدت منذ القرن الخامس عشر حتى أواخر القرن التاسع عشر على أقل تقدير، إذ دخل البحث التاريخي دائرة النقل والاجترار والاختصار، ولم يظهر طوال تلك الفترة مؤرخ يطاول قامة المقريزي، أو ابن تغري بردي، أو ابن إياس، بل أن الجبرتي كان مجرد جامع يسجل الأحداث اليومية بشكل يشبه ما تفعله الصحف اليومية في العصر الحالي.
وعندما بدأت الدراسات التاريخيَّة مجدَّدًا في مصر والعالم العربي، فإنها بدأت على أيدي أساتذة أجانب أو أساتذة خاضعين للثقافة الأوروبية، فجاء البحث التاريخي العربي فرخًا من أفراخ الدراسات التاريخية الغربية عمومًا، وعلى رغم أن محاولات كثيرة محمودة جرت في اتجاه الخروج من إسار هذه التبعية، فإن ما تحقق حتى الآن يبدو قليلاً بالقياس الى ما هو مطلوب.
ويهمنا في هذا المقال أن نرصد تأثير الحروب الصليبية في مجال التدوين التاريخي العربي في ذلك الزمان من ناحية، وفي مجال الدراسات التاريخية العربية الحديثة من ناحية أخرى. فقد رسمت لنا المصادر التاريخية العربية صورة واضحة المعالم "للآخر" الذي عاصرته، وتعاملت معه على أرض الواقع. وهذه الصورة، بكل تفاصيلها الإيجابية والسلبية، تدلنا على رؤية العقل العربي للحروب الصليبية آنذاك.
كما أن المؤرخين المسلمين الذين عاصروا الهجوم الصليبي على المنطقة العربية واستيطان الفرنج على ترابها، مثل ابن القلانسي وابن الأثير، وابن العديم، وابن واصل، وابن شداد، والعماد الاصفهاني، والمقريزي، والقلقشندي، وابن تغري بردي.. وغيرهم، لم يستخدموا مصطلحات مثل "الصليبيين" أو "الحملة الصليبية"، وإنما تحدثوا عن "الفرنج" و"حركة الفرنج" – على رغم أنهم كانوا يفرقون بين الفرنج الفرنسيين والألمان والإنكليز وغيرهم من شعوب أوروبا الغربية – ولم يربطوا بين حركة الفرنج هذه وبين الديانة المسيحية لأنهم عرفوا من خبرتهم المباشرة أنها كانت حركة استيطان عدوانية أوذي منها المسيحيون الشرقيون في مصر وفلسطين وبلاد الشام ونالهم بسببها ضرر كبير.
وقد وصفت المصادر العربية "الصليبي" بأنه "عدو كافر" يتصف بالقسوة والجمود الى حد الوحشية، كما أبرزت أن مستواه الحضاري أدني كثيرًا من مستوى العرب. وهناك الكثير من الوقائع والأحداث التاريخية التي تبرر وصف "الآخر" بالوحشية والدونية الحضارية. وكان من الطبيعي أن تتعامل المصادر التاريخية مع الأوروبي الصليبي من منطلق عدائي، إذ إن الحروب الصليبية كانت حربًا مثل أية حرب أخرى على رغم تسربلها برداء الدين.
من ناحية أخرى، لم تخلُ المصادر التاريخية العربية من الموضوعية عندما تعاملت مع "الصليبي" باعتباره عدوًا كافرًا، إذ إن المؤرخين العرب احترموا في أعدائهم صفات الشجاعة والبسالة والقدرة القتالية، فضلًا عن الجلد وقوة التحمل. ويقدم لنا الفارس اسامة بن منقذ والمؤرخ ابن القلانسي والمؤرخ ابن شداد والمؤرخ أبو شامة وغيرهم، أمثلة عن شجاعة المقاتل الصليبي. بيد أن شجاعة "الآخر" كانت مقرونة بصفتين متناقضتين معها، الحذر الشديد والغدر بالمسالمين. وأشارت الأدبيات العربية إلى هاتين الصفتين وأوردت أمثلة عدة للدلالة على ذلك. وتبين هذه الأمثلة أن "الفرنج" لم يكونوا يغامرون بدخول معركة ضد المسلمين ما لم تكن نتائج المعركة مضمونة تمامًا في تقديرهم.
كما تكشف المصادر التاريخية العربية عن أنهم كانوا يمليون الى القيام بعمليات عسكرية سريعة ومضمونة ويبحثون دائمًا عن النصر السريع السهل، متوسلين الى ذلك بالحيلة والخداع. ومن ناحية أخرى، كان المستوطنون الصليبيون يبدون اهتمامًا فائقًا بالحصون والقلاع، سواء في المدن التي احتلوها في فلسطين وبلاد الشام أو أثناء قيامهم بالهجوم على المدن العربية وحصارها. إذ كانت التحصينات والقلاع والخنادق من أهم ركائز النظام الدفاعي في المستوطنات الصليبية، كما كانت هجماتهم دائمًا تحت ستار من الأبراج المتحركة الضخمة التي كانت تشبه القلاع. وأوردت المصادر التاريخية العربية عددًا كبيرًا من الأمثلة الدالة على هذا.
لقد كان الفرنج الصليبيون يشكلون كيانًا استيطانيًا غريبًا وسط أكثرية عربية معادية ومن ثم كان لا بد لهم من التمركز في مجموعة من المدن والقلاع الحصينة، كما كان من الضروري أن يهتموا بتدعيم قوتهم العسكرية لتأمين وجودهم غير المشروع. وإذا كانت المصادر العربية قد لاحظت اهتمام الصليبيين بالتحصينات، فإن استماتة هؤلاء في الدفاع عن المدن التي احتلوها استرعت انتباه هذه المصادر أيضًا. وهو ما يمكن تفسيره في ضوء الحقيقة القائلة بأن خروج المستوطنين من المدن والمناطق التي احتلوها كان يعني النهاية بالنسبة لهم، وهو ما حدث فعلًا عندما نجح الجيش العربي بجناحيه المصري والشامي في استرداد عكا، آخر المعاقل الصليبية سنة 690هـ= 1291م وأنهى الوجود الصليبي تمامًا.
هذه الصورة الكلية التي رسمتها المصادر التاريخية العربية، بتفاصيلها الفرعية التي تدعمها وتؤكدها الأمثلة الكثيرة المتواترة في هذه المصادر، تكشف عن وعي عربي عام بخطورة تلك المواجهة التي خاضتها المنطقة العربية ضد الصليبيين على مدى الفترة ما بين القرن الثاني عشر حتى نهاية القرن الخامس عشر الميلاديين. ذلك أن إدراك كل هذه التفاصيل الصغيرة كان تعبيرًا عن وعي أكثر شمولًا بخطورة الهجوم الأوروبي الصليبي على دار الإسلام عمومًا وعلى المنطقة العربية خصوصًا.
وكشفت كتابات المؤرخين المسلمين، من أمثال ابن واصل وابن شداد وابن عبد الظاهر المقريزي وابن الفرات وابن تغري بردي، وغيرهم، أن هذا الوعي الذي كان في جانب منه نتاجًا للتطور الذي وصلت اليه الكتابات التاريخية في العالم الاسلامي آنذاك، كما كان من ناحية أخرى نتيجة للتجربة المباشرة والاحتكاك الواقعي بين من كتبوا هذه التواريخ "والآخر" الذي جاء الى بلادهم غازيًا ومستوطنًا.
وفي مجال الدراسات التاريخية الحديثة عن الحروب الصليبية تبدو المفارقة واضحة على نحو مذهل ومثير. فعلى رغم العمق التاريخي للأمة العربية وجذورها الضاربة في أعماق الزمن، وعلى رغم التنوع المذهل في التجارب التاريخية التي مرت بها أقاليم المنطقة العربية، فإن الوعي الراهن بالتاريخ وخبراته التراكمية يبدو ضئيلًا للغاية. فنحن نتصرف اليوم كقوم مفلسين يبدأون من الصفر اعتمادًا على أرصدة الآخرين. ويفتقر موقف العقل العربي من الخبرات التاريخية العربية الى مقومات فهم الوظيفة الاجتماعية – السياسية لعلم التاريخ. ومن ناحية أخرى، يكشف تاريخ التدوين التاريخي العربي في عصور ازدهار الثقافة العربية الإسلامية عن انجازات كبيرة للعقل العربي في هذا المجال، قبل عصور التدهور التي نعاني آثارها السلبية حتى الآن. فقد كتب المفكرون والمؤرخون العرب في تاريخ التاريخ، ومناهج البحث فيه، وفلسفته وأصوله، ووصلوا بهذا العلم إلى قمة التطور في ظروف عصرهم الموضوعية. ومع هذا، فإن البحث التاريخي اليوم في الوطن العربي لا يزال، عمومًا يبدو وكأنه فرخ من أفراخ البحث التاريخي لدى الغرب.
وعلى الرغم من أن بعض الدراسات والبحوث التاريخية التي أنجزها بعض المؤرخين العرب في المشرق والمغرب العربي تكشف عن درجة عالية من الوعي والقدرة على استخدام الرصيد التاريخي لحساب الحاضر والمستقبل، فإن مثل هذه الكتابات تظل جهودًا فردية متناثرة هنا وهناك من دون خطة جماعية للتخلص من حال التبعية الثقافية واستهلاك ما ينتجه الغرب من أفكار ومناهج ونظريات في البحث التاريخي. ويكشف هذا الوضع عن أننا في حاجة حقيقية الى جهود كبيرة، منظمة وجماعية، لإعادة قراءة التاريخ العربي لمصلحة حاضرنا ومستقبلنا. وبشكل يخرج به عن نطاق "الإرث" إلى مجال "التراث"، وبحيث نحوله من غط "التاريخ العبء" الى نوع من "التاريخ الحافز".
والمدهش حقًا، أننا ما نزال في الغالب الأعم نقرأ التاريخ على أنه نوع من قصص الماضي تُحكى في مجالس السمر، كما أن البعض يظنه "حلية" تزدان بها الرؤوس الفارغة، كما لو كان نوعًا من "التاريخ المعلب" الذي يمكن استخدامه في المناسبات و"حسب الطلب". وقليلون هم الذين أدركوا أهمية التاريخ باعتباره علمًا ذا وظيفة اجتماعية – سياسية وأدرك المؤرخون العرب القلائل أن التاريخ علم ينتمي إلى الماضي في موضوعه حقًا، بيد أنه يرتبط بالحاضر والمستقبل من حيث هدفه ودوره في خدمة الجماعة الانسانية. وحاول هؤلاء أن يسخروا مواهبهم في إعادة قراءة التاريخ العربي من منظور عربي، ولكن كتاباتهم ظلت أشبه بالجزر الصغيرة العامرة في بحر الظلمات. وما زلنا نفتقر حتى الآن إلى محاولة جماعية لإعادة فهم تاريخ الأمة العربية في شكل يجعل من التاريخ سلاحًا من أسلحة النضال العربي صوب التقدم والحرية.
والأدبيات العربية المعاصرة، في تناولها لقصة الحروب الصليبية، شابها الكثير من القصور وعدم الوعي بقيمة هذه التجربة التاريخية وأهميتها. وعلى رغم أن تجربة هذه المواجهة الطويلة المضنية يمكن أن تكشف عن إمكانات عربية هائلة وكامنة، فإن الوعي بهذه الحقيقة ضئيل الى حد مخيف. فالكثير من هذه الأدبيات نحت نحو الدراسة الاكاديمية الضيقة للظاهرة الصليبية بحيث تبدو جزئياتها وكأنها معلقة في هواء التاريخ لا تربطها الجذور بالماضي، كما أن فروعها لا تمتد الى الحاضر.
كما أن بعض الدراسات التي حاولت أن تدرس الحروب الصليبية دراسة شاملة قنعت بتقديم مسح تاريخي سردي لهذه الظاهرة. وفي أحيان أخرى اتخذت الكتابات العربية عن الحروب الصليبية شكلًا عاطفيًا يختزل هذه التجربة التاريخية الطويلة في عدد من الأبطال، أو المواقع التي انتصر فيها المسلمون على الفرنج.
والحقيقة أن هناك مدًا متصاعد القوة في الوعي بأهمية دراسة الحروب الصليبية لا سيما وأن تشابه التجربة الصهيونية مع التجربة الصليبية جذب عددًا من المفكرين العرب إلى بحثها من منظور جديد، ولكن الأدبيات العربية المعاصرة، عمومًا، ما تزال غير قادرة على الربط بين الظاهرتين.
ويلفت النظر أن كثيرًا من البحوث والدراسات العربية التي تم نشرها عن الحروب الصليبية في فترة المد القومي العربي والإحساس بضرورة العمل العربي المشترك. حملت في مقدماتها أو عناوينها ما يشير إلى إدراك مؤلفيها لأهمية دراسة هذه الظاهرة من منظور معاصر يضع أمامه تجربة الصراع العربي – الصهيوني.
ومما يبعث على التفاؤل أيضًا أن عددًا متزايدًا من الندوات وحلقات الحوار والمؤتمرات، عُقد في انحاء متفرقة من العالم العربي، يحاول البحث في ظاهرة الحروب الصليبية من منظور عربي معاصر بغرض كشف الأبعاد التاريخية الحقيقية لهذه الظاهرة. وأظن، وليس كل الظن إثمًا، أن اهتمام الدوائر الصهيونية بدراسة الحروب الصليبية لأسباب سياسية وأمنية ودعائية، نبَّه العرب إلى أن التاريخ لم يعد قصصاً تحكى للتسلية[1].
[1] المصدر: دار عين للدراسات والبحوث الإنسانية والاجتماعية.
التعليقات
إرسال تعليقك