التاريخ الإسلامي
دون تشويه أو تزوير
التاريخ الإسلامي يمتد منذ بداية الدعوة الإسلامية بعد نزول الوحي على رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم تأسيس الدولة الإسلامية بالمدينة المنورة وحكم الخلفاء الراشدين، مرورًا بالدولة الأموية فالدولة العباسية بما تضمنته من إمارات ودول مثل السلاجقة والغزنوية في وسط آسيا والعراق وفي المغرب الأدارسة والمرابطين ثم الموحدين وأخيرًا في مصر الفاطميين والأيوبيين والمماليك ثم سيطرة الدولة العثمانية التي تعتبر آخر خلافة إسلامية على امتداد رقعة جغرافية واسعة، وهذه البوابة تعنى بتوثيق التاريخ من مصادره الصحيحة، بمنهجية علمية، وعرضه في صورة معاصرة دون تشويه أو تزوير، وتحليل أحداثه وربطها بالواقع، واستخراج السنن التي تسهم في بناء المستقبل.
ملخص المقال
كيف عرف إبراهيم عليه الصلاة والسلام مكان الكعبة؟
تحديد مكان البيت لإبراهيم:
روى الحاكم وغيره في حديث صحيح عَنْ خَالِدِ بْنِ عَرْعَرَةَ: أَنَّ رَجُلًا، قَامَ إِلَى عَلِيٍّ فَقَالَ: أَلَا تُخْبِرُنِي عَنِ الْبَيْتِ؟ أَهُوَ أَوَّلُ بَيْتٍ وُضِعَ فِي الْأَرْضِ؟ فَقَالَ: "لَا، وَلَكِنْ هُوَ أَوَّلُ بَيْتٍ وُضِعَ فِي الْبَرَكَةِ؛ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ، وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا، وَإِنْ شِئْتَ أَنْبَأْتُكَ كَيْفَ بُنِيَ، إِنَّ اللَّهَ أَوْحَى إِلَى إِبْرَاهِيمَ أَنِ ابْنِ لِي بَيْتًا فِي الْأَرْضِ، قَالَ: فَضَاقَ إِبْرَاهِيمُ بِذَلِكَ ذَرْعًا، فَأَرْسَلَ اللَّهُ السَّكِينَةَ وَهِيَ رِيحٌ خَجُوجٌ (سريعة ملتوية في غير استواء)، وَلَهَا رَأْسَانِ، فَاتَّبَعَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ حَتَّى انْتَهَتْ إِلَى مَكَّةَ، فَتَطَوَّتْ عَلَى مَوْضِعِ الْبَيْتِ كَتَطَوِّي الْحَجَفَةِ (الترس من الجلود)، وَأُمِرَ إِبْرَاهِيمُ أَنْ يَبْنِيَ حَيْثُ تَسْتَقِرُّ السَّكِينَةُ.."[1].
وعن الحاكم أيضًا عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: "لَمَّا أُمِرَ إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِبِنَاءِ الْبَيْتِ خَرَجَ مَعَهُ إِسْمَاعِيلُ وَهَاجَرُ فَلَمَّا قَدِمَ مَكَّةَ رَأَى عَلَى رَأْسِهِ فِي مَوْضِعِ الْبَيْتِ مِثْلَ الْغَمَامَةِ فِيهِ مِثْلُ الرَّأْسِ فَكَلَّمَهُ، فَقَالَ: يَا إِبْرَاهِيمُ ابْنِ عَلَى ظِلِّي أَوْ عَلَى قَدْرِي وَلَا تَزِدْ وَلَا تَنْقُصْ فَلَمَّا بَنَى خَرَجَ، وَخَلَّفَ إِسْمَاعِيلَ وَهَاجَرَ وَذَلِكَ حَيْثُ يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَنْ لَا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ} [الحج: 26][2].
وفي رواية البخاري عن ابن عباس: ثُمَّ قَالَ يَا إِسْمَاعِيلُ، إِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي بِأَمْرٍ، قَالَ: فَاصْنَعْ مَا أَمَرَكَ رَبُّكَ، قَالَ: وَتُعِينُنِي؟ قَالَ: وَأُعِينُكَ، قَالَ: فَإِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي أَنْ أَبْنِيَ هَا هُنَا بَيْتًا، وَأَشَارَ إِلَى أَكَمَةٍ مُرْتَفِعَةٍ عَلَى مَا حَوْلَهَا، قَالَ: فَعِنْدَ ذَلِكَ رَفَعَا القَوَاعِدَ مِنَ البَيْتِ، فَجَعَلَ إِسْمَاعِيلُ يَأْتِي بِالحِجَارَةِ وَإِبْرَاهِيمُ يَبْنِي، حَتَّى إِذَا ارْتَفَعَ البِنَاءُ، جَاءَ بِهَذَا الحَجَرِ فَوَضَعَهُ لَهُ فَقَامَ عَلَيْهِ، وَهُوَ يَبْنِي وَإِسْمَاعِيلُ يُنَاوِلُهُ الحِجَارَةَ، وَهُمَا يَقُولاَنِ: {رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ العَلِيمُ} [البقرة: 127]، قَالَ: فَجَعَلاَ يَبْنِيَانِ حَتَّى يَدُورَا حَوْلَ البَيْتِ وَهُمَا يَقُولاَنِ: {رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ العَلِيمُ} [البقرة: 127]،{وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} [البقرة: 127]، وفصل بين إبراهيم وإسماعيل ليجعل إسماعيل معاونًا لإبراهيم وليس موازيًا له[3].[4].
[1] الطبري: جامع البيان ط هجر (2/ 561)، وقال مهدي بن رزق الله أحمد: سنده صحيح. انظر: «مزاعم وأخطاء وتناقضات وشبهات بودلي في كتابه الرسول، حياة محمد دراسة نقدية» (ص113).
[2] الحاكم في المستدرك (4024)، هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، تعليق الذهبي في التلخيص: على شرط البخاري ومسلم، (هذا يعني أن إبراهيم أتى من فلسطين وهو يريد بناء البيت، وبنى شيئًا على ما حدَّدته الغمامة، ثم عاد للبناء الكامل عندما بلغ إسماعيل عشرين أو ثلاثين سنة).
[3] البخاري: كتاب أحاديث الأنبياء (3364).
[4] لمشاهدة الحلقة على اليوتيوب اضغط هنا: كيف عرف إبراهيم عليه الصلاة والسلام مكان الكعبة؟
التعليقات
إرسال تعليقك