التاريخ الإسلامي
دون تشويه أو تزوير
التاريخ الإسلامي يمتد منذ بداية الدعوة الإسلامية بعد نزول الوحي على رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم تأسيس الدولة الإسلامية بالمدينة المنورة وحكم الخلفاء الراشدين، مرورًا بالدولة الأموية فالدولة العباسية بما تضمنته من إمارات ودول مثل السلاجقة والغزنوية في وسط آسيا والعراق وفي المغرب الأدارسة والمرابطين ثم الموحدين وأخيرًا في مصر الفاطميين والأيوبيين والمماليك ثم سيطرة الدولة العثمانية التي تعتبر آخر خلافة إسلامية على امتداد رقعة جغرافية واسعة، وهذه البوابة تعنى بتوثيق التاريخ من مصادره الصحيحة، بمنهجية علمية، وعرضه في صورة معاصرة دون تشويه أو تزوير، وتحليل أحداثه وربطها بالواقع، واستخراج السنن التي تسهم في بناء المستقبل.
ملخص المقال
في 15 ديسمبر 1574م مات السلطان سليم الثاني فجأة عن عمر يُناهز خمسين عامًا.
وفاة السلطان سليم الثاني، وتقييمٌ عام لفترة حكمه:
عاد الأسطول العثماني المنتصر في تونس على الإسبان إلى إسطنبول في 30 نوفمبر 1574م، واستقبله السلطان سليم الثاني بنفسه استقبالًا حافلًا، وزوَّد قادته بالهدايا والمكافآت الثمينة[1]. كانت إحدى أفضل اللحظات في حياة السلطان سليم الثاني؛ فقد حقَّق النصر في العام الماضي على البنادقة، فعقدوا المعاهدة المذلَّة، وها هو الآن يُحقِّق النصر على القطب الثاني للنصارى، وهم الإسبان، فضلًا عن أن النمساويِّين يدفعون له الجزية السنويَّة! هكذا وضح له أن السنوات القادمة ستكون لصالح العثمانيين على المستوى الأوروبي؛ ولكن لم يكن السلطان يُدرك حينها أنه لم يتبقَّ له من العمر إلا أسبوعان فقط!
في 15 ديسمبر 1574م مات السلطان سليم الثاني فجأة[2] عن عمر يُناهز خمسين عامًا. كان مثالًا واضحًا لمسألة القصور الذاتي للقوَّة المفرطة. زادت البلاد في حياته في المساحة على الرغم من ضعف مستواه الإداري والقيادي، وبُعْدِه عن ميادين الجهاد. كانت الزيادة التي حدثت في عهده طفيفة؛ لكنها كانت مؤثِّرة.
كانت تشمل تونس وقبرص، وهو الوضع الذي سيبقى ثلاثة قرونٍ كاملة. لم تفقد الدولة في عهده أيَّ شبر. أرغم أنوف البنادقة، والنمساويِّين، والإسبان. هُزِم من الروس؛ لكنَّه أحسن الانتقام، وأرغم القيصر الروسي على البحث عن السلام. استمرَّ في حياته هدوءُ الجبهة الصفوية. أسوأ ما في حياته أمورٌ على المستوى الداخلي؛ منها بدايات تمرُّد الإنكشاريَّة، ومنها ترسيخ عدم مشاركة السلطان في الحروب، ومنها ضعف هيبة السلطان؛ ممَّا جعل الصدور العظام والوزراء ينفردون أحيانًا بالحكم والقرارات، ومنها تدخُّل نساء القصر في السياسة، ومنها سماحه ببيع الخمور، وتجاوزه عن شرب الإنكشارية لها، ولم يكن له أن يمنعهم؛ أوَّلًا لضعفه أمامهم، وثانيًا لممارسته هو شخصيًّا لشربها!
ترك سليم الثاني ابنه الأكبر مراد الثالث على عرش البلاد، وورَّثه إمبراطوريَّةً مترامية الأطراف؛ لكنَّه ورَّثه في الوقت ذاته المشكلات الداخليَّة الكثيرة التي أشرنا إليها، ولا شَكَّ أن هذا سيكون له أثرٌ على فترة حكمه[3].
[1] أوزتونا، يلماز: تاريخ الدولة العثمانية، ترجمة: عدنان محمود سلمان، مراجعة وتنقيح: محمود الأنصاري، مؤسسة فيصل للتمويل، إستانبول، 1988 صفحة 1/381.
[2] Freely, John: A History of Ottoman Architecture, WIT Press, Ashurst, Southampton, UK, 2011., p. 142.
[3] دكتور راغب السرجاني: قصة الدولة العثمانية من النشأة إلى السقوط، مكتبة الصفا للنشر والتوزيع، القاهرة، مصر، الطبعة الأولى، 1442هـ= 2021م، 1/ 544، 545.
لشراء كتاب قصة الدولة العثمانية من النشأة إلى السقوط يرجى الاتصال على الرقم التالي: 01116500111
التعليقات
إرسال تعليقك